أسباب النحافة وتأثيرها على الصحة

تُعد النحافة المفرطة من الحالات التي تواجه العديد من الأشخاص حول العالم، وهي تعبر عن نقص غير طبيعي في وزن الجسم مقارنة بالطول والعمر، مما قد يشير إلى وجود خلل صحي أو مشكلة غذائية أو نفسية. تختلف أسباب النحافة بين عوامل وراثية، بيئية، صحية، ونفسية، وقد تؤدي إلى آثار سلبية كبيرة على صحة الفرد وجودة حياته. في هذا المقال سيتم تناول أسباب النحافة بشكل مفصل مع التركيز على الجوانب الطبية والنفسية والاجتماعية وتأثيراتها المختلفة.

مفهوم النحافة

النحافة تعني أن يكون وزن الجسم أقل من المعدل الطبيعي المحدد بناءً على مؤشر كتلة الجسم (BMI). المؤشر الطبيعي يتراوح بين 18.5 و 24.9، وأي قيمة أقل من 18.5 تعتبر دليلاً على النحافة. تختلف درجة النحافة من خفيفة إلى مفرطة، وكلما زادت النحافة عن الحد الطبيعي، زادت احتمالية تعرض الجسم لمضاعفات صحية.

الأسباب الأساسية للنحافة

1. الأسباب الوراثية

تلعب العوامل الوراثية دوراً مهماً في تحديد بنية الجسم ووزنه، فبعض الأشخاص يولدون بجينات تجعلهم يميلون إلى النحافة مهما تناولوا من طعام. هذا النوع من النحافة لا يكون عادةً مرتبطاً بمشاكل صحية، بل هو مجرد اختلاف طبيعي في التركيب الجسدي.

2. قلة تناول الطعام أو سوء التغذية

عدم الحصول على كمية كافية من السعرات الحرارية، البروتينات، الفيتامينات، والمعادن يؤدي إلى نقص في وزن الجسم. سوء التغذية قد ينتج عن ظروف اقتصادية صعبة، أو عادات غذائية خاطئة، أو عدم معرفة بالقيمة الغذائية للأطعمة. كما أن تناول أطعمة فقيرة بالعناصر الغذائية قد يؤدي إلى خسارة الوزن بشكل مستمر.

3. اضطرابات الأكل

تُعتبر اضطرابات الأكل من أهم أسباب النحافة المرضية. وتشمل اضطرابات مثل فقدان الشهية العصبي (Anorexia Nervosa) والشره المرضي (Bulimia Nervosa). في هذه الحالات، يكون هناك خوف شديد من زيادة الوزن يؤدي إلى الامتناع عن تناول الطعام أو إحداث التقيؤ المتعمد بعد الأكل، مما يسبب نقصاً حاداً في الوزن.

4. الأمراض المزمنة

تتسبب العديد من الأمراض المزمنة في فقدان الوزن ونقصه، منها:

• أمراض الغدة الدرقية: فرط نشاط الغدة الدرقية يسرع من عملية الأيض، مما يؤدي إلى خسارة الوزن رغم تناول الطعام.

• السكري: خاصة النوع الأول، حيث يفقد الجسم القدرة على استخدام السكر بشكل صحيح مما يسبب فقدان الوزن.

• الأمراض الهضمية: مثل مرض السيلياك أو التهاب الأمعاء، حيث تتأثر قدرة الجسم على امتصاص الغذاء.

• الأورام والسرطان: بعض أنواع السرطان تسبب استهلاك عالي للطاقة و فقدان الشهية، مما يؤدي إلى النحافة.

• الأمراض الالتهابية المزمنة: مثل التهاب المفاصل الروماتويدي وأمراض الرئة المزمنة.

5. المشاكل النفسية والعصبية

تؤثر المشاكل النفسية بشكل كبير على الشهية والوزن. تشمل هذه الأسباب:

• الاكتئاب والقلق: غالباً ما يصاحب هذه الحالات فقدان الشهية مما يؤدي إلى فقدان الوزن.

• التوتر الشديد: يسبب تغيرات في الشهية واضطرابات في الجهاز الهضمي.

• الضغط النفسي: قد يدفع بعض الأشخاص إلى الامتناع عن تناول الطعام.

6. عوامل بيئية واجتماعية

تؤثر البيئة المحيطة والعادات الاجتماعية على نمط التغذية، حيث قد يؤدي العمل الشاق، الفقر، العزلة الاجتماعية، أو الضغوط العائلية إلى تراجع الشهية وفقدان الوزن.

7. زيادة النشاط البدني

الأشخاص الذين يمارسون نشاطاً بدنياً مكثفاً جداً دون تعويض السعرات الحرارية قد يعانون من النحافة، وذلك لأن الجسم يحرق سعرات حرارية أكثر مما يتناول.

تأثيرات النحافة على الصحة

النحافة الشديدة لا تؤثر فقط على الشكل الخارجي، بل تمتد لتشمل عدة وظائف حيوية للجسم:

• ضعف الجهاز المناعي: النحافة تقلل من قدرة الجسم على مقاومة العدوى.

• مشاكل في العظام: زيادة خطر هشاشة العظام والكسور.

• اضطرابات في الجهاز التناسلي: خاصة عند النساء، مثل انقطاع الطمث والعقم.

• الإرهاق وفقدان الطاقة: نتيجة نقص الاحتياطات الغذائية التي تمد الجسم بالطاقة.

• مشاكل في الجهاز الهضمي: مثل الإمساك والانتفاخ.

• تدهور صحة الشعر والجلد: جفاف الجلد وتساقط الشعر.

تشخيص النحافة

يعتمد تشخيص النحافة على:

• قياس مؤشر كتلة الجسم (BMI).

• تقييم الحالة الغذائية للفرد.

• إجراء تحاليل طبية لمعرفة وجود أمراض مزمنة.

• تقييم الحالة النفسية والعصبية.

• فحص نظام الغذاء والعادات اليومية.

طرق علاج النحافة

تختلف طرق علاج النحافة بناءً على السبب:

• النحافة الوراثية: يمكن التركيز على تحسين التغذية وزيادة السعرات الحرارية مع الحفاظ على التوازن الغذائي.

• سوء التغذية: تعديل النظام الغذائي ليشمل جميع العناصر الغذائية مع متابعة طبية.

• اضطرابات الأكل: تحتاج إلى تدخل نفسي وعلاج سلوكي.

• الأمراض المزمنة: علاج المرض الأساسي يؤدي إلى تحسين الوزن.

• المشاكل النفسية: العلاج النفسي والدوائي حسب الحالة.

• زيادة النشاط البدني: تنظيم التمارين مع تعديل النظام الغذائي.

جدول يوضح أبرز أسباب النحافة وتأثيرها

خاتمة

النحافة ليست مجرد مشكلة شكلية، بل هي مؤشر قد ينذر بوجود خلل صحي أو نفسي أو بيئي يحتاج إلى تشخيص دقيق وعلاج مناسب. الوعي بأسباب النحافة وأثرها على الجسم يساعد في التعامل مع هذه الحالة بشكل فعّال، والحفاظ على توازن صحي بين الوزن والطول يعزز من جودة الحياة والصحة العامة. الاهتمام بالتغذية السليمة، الفحص الدوري، والمتابعة الطبية المتخصصة كلها عوامل ضرورية لمن يعانون من النحافة لضمان وصولهم إلى حالة صحية متوازنة ومستقرة.

المصادر:

1. Mayo Clinic – Underweight Causes & Risk Factors: mayoclinic.org

2. WHO – Malnutrition: who.int